الرؤية/ليلى ابكير
في خطوة كبيرة نحو تحديث أسواق المال، أعلنت شركة “ناسداك إنك” عن خططها لفتح بورصتها أمام التداول على مدار 24 ساعة في اليوم، خمسة أيام في الأسبوع. وتستهدف هذه الخطوة تلبية الطلب المتزايد على الأسهم الأمريكية من قبل المستثمرين العالميين، وتعتبر جزءًا من استراتيجية البورصة الثانية في الولايات المتحدة لتعزيز مكانتها في سوق الأسهم العالمية. ومن المتوقع أن يبدأ العمل بنظام التداول المستمر في النصف الثاني من عام 2026، بشرط الحصول على الموافقات التنظيمية الضرورية.
تأتي هذه المبادرة في وقت تشهد فيه البورصات الأمريكية منافسة محتدمة على توسيع ساعات التداول. فقد سبقت شركة “Cboe Global Markets Inc” “ناسداك” في إعلان نيتها فتح بورصتها للتداول على مدار 24 ساعة يوميًا، بينما تقدمت بورصة نيويورك بطلب لتنظيم التداول لمدة 22 ساعة في اليوم. هذه التحركات تعكس سعي البورصات الأمريكية لتوسيع نطاق التداول لتشمل ساعات الليل، وهو ما يعكس تزايد الإقبال على السوق الأمريكي من مختلف أنحاء العالم.
ورغم أن هذا التوسع سيتيح للمستثمرين فرصة التفاعل المباشر والفوري مع الأحداث الاقتصادية الكبرى، إلا أن رئيس “ناسداك”، تال كوهين، أشار إلى بعض التحذيرات. حيث أوضح أن زيادة ساعات التداول قد تساهم في ارتفاع التقلبات وتكلفة المعاملات، وهو ما يتطلب دراسة دقيقة لضمان استقرار السوق. ورغم الزيادة الملحوظة في حجم التداول خلال ساعات الليل، أضاف كوهين أن السيولة تبقى أقل بشكل كبير مقارنةً بساعات التداول التقليدية.
إحدى الخطوات الأساسية في تنفيذ هذه الخطة هي تحديث “معالج معلومات الأوراق المالية” (SIP)، وهو النظام الذي يعرض أفضل أسعار البيع والشراء للأسهم في لحظة التنفيذ. وقال كوهين إن تحديث هذا النظام يعد أمرًا أساسيًا لضمان تنفيذ التداولات بسلاسة خلال الساعات الممتدة، وهو ما يتطلب التنسيق مع مختلف الأطراف الفاعلة في السوق لضمان الحد من المخاطر وتحقيق النتائج المرجوة.
منذ جائحة كورونا، أصبحت فكرة التداول المستمر أكثر قبولًا بين المستثمرين، حيث سمحت لهم بالاستجابة الفورية للأحداث الاقتصادية والتجارية الكبرى. بعض الشركات مثل “روبنهود ماركتس” و”إنتراكتيف بروكرز غروب” قد بدأت بالفعل بتقديم خدمات تداول على مدار 24 ساعة، مما يعكس تغيرًا تدريجيًا في التوجهات الاستثمارية التي تواكب تطور التكنولوجيا واحتياجات السوق.
رغم الفوائد المحتملة للتداول المستمر، لا يزال هنالك انقسام داخل وول ستريت بشأن تأثيراته. البعض يرى أن توسيع ساعات التداول سيمكن المستثمرين من الوصول إلى أسواق الأسهم في أي وقت، بينما يحذر البعض الآخر من أن تمديد ساعات التداول قد يقلل من دقة التسعير نتيجة لانخفاض حجم التداول خلال ساعات الليل.
ورغم التحديات التي قد تواجه “ناسداك” وغيرها من البورصات في تنفيذ هذه الخطة، يبقى السؤال الأبرز: هل سيؤدي هذا التوسع إلى تغيير جذري في سلوك المتداولين المؤسسيين، وهل ستتحول ساعات التداول الممتدة إلى المعيار الجديد في أسواق المال؟





