الرؤية/ليلى ابكير
شهدت أسعار الذهب اليوم الاثنين ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة تجاوزت 1%، مسجلة مستويات قياسية جديدة، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية إضافية على واردات الصلب والألمنيوم. هذه الخطوة التي أثارت قلقًا واسعًا بين المستثمرين والمحللين الاقتصاديين حول تصاعد احتمالات اندلاع حرب تجارية عالمية، دفعت الطلب على الذهب كملاذ آمن إلى الذروة.
في تعاملات اليوم، ارتفعت أسعار الذهب في السوق الفورية بنسبة 1.2%، ليصل إلى 2895.38 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0758 بتوقيت غرينتش. وقد سجل المعدن الأصفر في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2896.35 دولار، ليواصل بذلك تسجيل أرقام قياسية هذا العام. وكان هذا الارتفاع هو السابع الذي يحققه الذهب في عام 2023، ما يعكس تزايداً ملحوظاً في إقبال المستثمرين على شراء المعدن النفيس في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي توترات كبيرة.
وفيما يتعلق بالعقود الآجلة للذهب، فقد سجلت أيضًا ارتفاعًا بنسبة 1.2%، لتصل إلى 2920.8 دولار للأوقية. ويعكس هذا الارتفاع المستمر في الأسعار حالة من القلق والترقب لدى الأسواق بشأن السياسات الاقتصادية الأميركية وتأثيراتها المستقبلية على الأسواق العالمية.
وجاء الارتفاع الكبير في أسعار الذهب بعد إعلان الرئيس ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة تبلغ 25% على واردات الصلب والألمنيوم. هذه الخطوة، التي تضاف إلى الرسوم السابقة على المعادن، قد ترفع من تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة وتزيد من التضخم. وفي هذا السياق، قال جيوفاني ستاونوفو، المحلل في “يو.بي.إس”، إن قرار ترامب سيزيد من الضغوط التضخمية، مما يزيد من القلق بشأن النمو الاقتصادي العالمي. وبناءً على هذه المعطيات، توقع ستاونوفو أن يستمر الذهب في تحقيق ارتفاعات جديدة، مع إمكانية وصوله إلى مستوى 3000 دولار للأوقية.
تأتي هذه الزيادة في أسعار الذهب في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأميركي حالة من الغموض بشأن سياسات ترامب التجارية وتأثيراتها المحتملة على التضخم والنمو الاقتصادي. فقد أشار مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى أن عدم وضوح السياسات قد يعوق اتخاذ قرارات حاسمة بشأن أسعار الفائدة، خاصة في ظل استمرار قوة سوق العمل الأميركي. في الوقت ذاته، يرى العديد من الخبراء أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من جاذبية الذهب، الذي لا يدر عوائد مباشرة مثل الأصول الأخرى.
ولم تكن الزيادة في الأسعار مقتصرة على الذهب فقط، فقد سجلت الفضة بدورها ارتفاعًا بنسبة 1%، ليصل سعرها إلى 32.14 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى لها منذ نوفمبر الماضي. وجاء هذا الارتفاع بعد أن شهدت الفضة ارتفاعات كبيرة يوم الجمعة، مما يعكس أيضًا تزايد الطلب على المعادن النفيسة الأخرى في ظل هذه الأوقات المضطربة اقتصاديًا.
ويبدو أن الذهب سيظل في دائرة الضوء كأداة استثمار آمنة في الفترة القادمة، خاصة في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى. ورغم التحديات الاقتصادية التي قد تطرأ بسبب الحرب التجارية، يظل الذهب الخيار الأكثر أمانًا للمستثمرين الذين يسعون للحفاظ على أموالهم في أوقات الغموض السياسي والمالي.
وبينما يتوقع البعض استمرار ارتفاع أسعار الذهب في ظل السياسات التجارية الأميركية، يظل المستثمرون في حالة ترقب للأحداث القادمة، خاصة في ظل احتمالية اتخاذ إجراءات جديدة من قبل ترامب قد تؤدي إلى زيادة أكبر في التضخم.
وفي ظل هذه التطورات، يظل الذهب في قلب الاهتمام العالمي كأداة استثمارية آمنة. ومع تصاعد التوترات التجارية والاقتصادية، من المتوقع أن تواصل أسعار الذهب مسارها الصعودي، مع إمكانية بلوغ مستويات جديدة قد تتجاوز 3000 دولار للأوقية. ومع كل هذه المتغيرات، يبقى الذهب بمثابة الملاذ الآمن للمستثمرين في أوقات القلق الاقتصادي، مما يعكس ثباته في مواجهة الأزمات العالمية.
