الإعلام العمومي ينوب عن الدولة في الحوار مع جيل Z: “نكونو واضحين” يفتح مرحلة جديدة من النقاش الوطني

هيئة التحرير6 أكتوبر 2025Last Update :
الإعلام العمومي ينوب عن الدولة في الحوار مع جيل Z: “نكونو واضحين” يفتح مرحلة جديدة من النقاش الوطني

الرؤية/هيئة التحرير

 

 

 

✍️ بقلم : نجيب الأضادي مدون وكاتب رأي

 

خصصت القناة الثانية المغربية حلقة جديدة من برنامجها “نكونو واضحين” لمناقشة تداعيات احتجاجات جيل Z، في مبادرة تعكس انخراط الإعلام العمومي في لعب دور الوسيط بين الدولة والشباب المغربي، في وقت تشهد فيه الساحة الوطنية حراكًا اجتماعيًا متزايدًا ونقاشًا مفتوحًا حول أداء الحكومة الحالية.

 

من حيث تشكيلة البرنامج وهندسة الضيوف ، كان لافتًا حضور نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، كأول زعيم حزبي من الأغلبية الحكومية يشارك في هذا النوع من البرامج الحوارية. ويبدو أن الهدف من هذا الاختيار هو وضع بركة في اختبار سياسي مفتوح أمام الرأي العام، باعتباره ممثلًا لحزب يقود جزءًا من الأغلبية، ومكلفًا بإعطاء إجابات مقنعة حول القضايا التي أثارتها حركة جيل Z.

 

في المقابل، حضرت نجوى كوكوس، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، ما منح تمثيلية الحزب بعدًا تواصليًا أكثر مرونة. كما شارك ممثل عن حزب العدالة والتنمية من صفوف المعارضة، الذي قدم مداخلات مباشرة وناقدة، أسهمت في رفع سقف النقاش السياسي داخل البرنامج. أما العنصر الأكثر رمزية فتمثّل في استضافة مجموعة من الفتيات الشابات كممثلات غير رسميّات لحركة جيل Z، إلى جانب فاعل جمعوي من أكادير، المدينة التي انطلقت منها أولى شرارات الاحتجاجات، وهي في الآن ذاته مسقط رأس رئيس الحكومة، ما يجعل هذا الاختيار ذا دلالة سياسية واجتماعية واضحة.

 

غير أن البرنامج لم يخلُ من بعض الالتباسات، أبرزها تقديم دعاء بوغابة على أنها طالبة من جيل Z، في حين نشر حزب التقدم والاشتراكية تدوينة رسمية على صفحته يصفها بأنها عضوة في الحزب، ما أثار تساؤلات حول الحياد في تقديم الضيوف.

 

البرنامج تطرق لمواضيع متعددة تهمّ الشباب المغربي، من الصحة والتعليم ومحاربة الفساد والعدالة الاجتماعية، مع تركيز خاص على قطاعي الصحة والتعليم باعتبارهما أبرز ملفات الاحتجاج. نزار بركة وجه رسالة سياسية واضحة حين أكد أن دستور 2011 منح الحكومة صلاحيات واسعة إلى جانب جلالة الملك، مشيرًا إلى أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن التدبير العمومي، في إشارة إلى ضرورة تحميل الجهاز التنفيذي مسؤولية الإخفاقات، وهو طرح يتقاطع مع رؤية شباب جيل Z الذين ركزوا بدورهم على المساءلة الحكومية المباشرة.

 

من جهتهم، عبّر ممثلو الشباب عن مواقف جريئة، متحدثين عن هيمنة لوبيات المال على القرار الحكومي وغياب العدالة في توزيع الثروات، معتبرين أن الحكومة الحالية تشتغل بمنطق المصالح الخاصة لا المصلحة العامة. كما انتقدوا بشفافية تدهور التعليم العمومي وضعف الخدمات الصحية، وهي المواضيع التي أصبحت محور نقاش واسع في البودكاستات والمنصات الرقمية بالمغرب.

 

ورغم تسجيل إشارات خفيفة حول المقاربة الأمنية للاحتجاجات، إلا أن النقاش بقي مركزًا على المسؤولية السياسية للحكومة، التي وُضعت في الواجهة باعتبارها المعنية المباشرة بتدبير الملفات الاجتماعية. يمكن اعتبار هذه الحلقة من “نكونو واضحين” أول تمرين حقيقي للحوار بين الفاعلين الحزبيين وشباب جيل Z، حيث تم كسر عدد من الحواجز النفسية والسياسية، وجرى النقاش بحرية غير مسبوقة سمحت بتمرير رسائل نقدية مباشرة للحكومة، ضمن إطار مؤسساتي مسؤول.

 

ويبدو أن الإعلام العمومي قد بدأ بالفعل يلعب دورًا بديلاً عن مؤسسات الحوار التقليدية، بعد أن فقد جزء من الشباب ثقته في الأحزاب والنقابات والإطارات المدنية. فاليوم، القناة الثانية تتحول إلى منصة وطنية للنقاش، تنوب عن الدولة في فتح قنوات التواصل مع الجيل الجديد، في انتظار أن تستعيد باقي المؤسسات أدوارها التأطيرية والتواصلية.

 

في النهاية، يؤكد هذا البرنامج أن المغرب يدخل مرحلة جديدة من الوضوح في النقاش العمومي، عنوانها الكبير هو جيل واعٍ يطالب بالإصلاح في إطار الوطنية والاحترام، وإعلام عمومي يسعى إلى استعادة الثقة وبناء الجسور بين الشباب والمؤسسات. جيل Z يفتح النقاش… والإعلام العمومي يصغي باسم الوطن.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.