الرؤية/ليلى ابكير
تحولت تظاهرة سلمية في صربيا إلى مشهد من الفوضى بعد أن أثار صوت غامض حالة من الذعر بين المتظاهرين في 15مارس. هذا الحادث المفاجئ دفع السلطات إلى فتح تحقيقات، وسط مزاعم عن استخدام أسلحة صوتية ضد المحتجين.
وكانت الاحتجاجات في صربيا قد بدأت منذ أشهر كحركة سلمية تطالب بمكافحة الفساد، ولكن ما جرى في يوم 15مارس كان بمثابة نقطة تحول، إذ ظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر المتظاهرين يفرون بشكل مفاجئ عقب سماع صوت غير مألوف. هذا الصوت الغريب أثار تكهنات حول احتمال استهداف المحتجين بأسلحة صوتية، وهو جهاز يمكن أن يتسبب في تأثيرات صحية ونفسية خطيرة، مثل الدوار، الصداع، وحتى الصمم.
وفيما يتعلق بالتحقيقات، أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن خبراء من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي “أف بي أي” وصلوا إلى صربيا للتحقيق في هذه المزاعم. ورغم ذلك، لم يتردد فوتشيتش في رفض الاتهامات، واصفًا إياها بـ”الأكاذيب”، متهما المعارضة بمحاولة تضليل الرأي العام. وأضاف أن هؤلاء الخبراء سيبقون في صربيا لمدة أسبوع، وسيعرضون موقفهم النهائي حول استخدام الأسلحة الصوتية.
الاحتجاجات التي جرت في مارس كانت إحدى أكبر التظاهرات ضد الحكومة في صربيا، في وقت تشهد فيه البلاد حالة من الغضب الشعبي على خلفية فساد مستشري داخل المؤسسات الحكومية. وفي ظل هذه الأحداث، استجابت بعض منظمات المجتمع المدني في صربيا لجمع شهادات من المتظاهرين المتضررين، حيث جمعوا أكثر من ثلاثة آلاف شهادة لضحايا الهجوم المزعوم. هؤلاء الأشخاص أفادوا بتعرضهم لمشاكل صحية إثر سماع الصوت، ما زاد من حدة الشكوك حول استخدام السلاح الصوتي.
نفت بشكل قاطع الشرطة الصربية، والحكومة استخدام أي أسلحة صوتية ضد المحتجين. ووفقًا للبيانات الرسمية، لم تُستخدم المعدات الصوتية التي يمكن أن تُسبب أضرارًا صحية، مثل تدمير طبلة الأذن أو التسبب في فقدان السمع. ومع ذلك، أظهر تحليل الصور التي تم تداولها بعد الحادث أن هناك معدات غريبة على سيارات الشرطة، التي اعتُقد أنها قد تكون أجهزة صوتية متطورة، مما أثار تساؤلات جديدة حول حقيقة ما جرى.
ومن جهة أخرى، أكد المحلل العسكري ألكسندر راديتش أن المعدات التي ظهرت في الصور تشبه جهازًا صوتيًا بعيد المدى يُعرف باسم “لارد 450″، وهو جهاز أمريكي الصنع يمكنه إحداث تأثيرات سمعية قوية على الأشخاص في محيطه. وفي حين أقر وزير الداخلية إيفيكا داتشيتش بوجود هذه المعدات في حوزة الشرطة، إلا أنه أصر على أنه لم يتم استخدامها ضد المتظاهرين.
وفي إطار الجهود المستمرة للتحقيق، دعا المسؤولون الصرب إلى إشراك كل من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي في التحقيقات، بالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي تجمع صربيا بكل من هذين الجهازين، رغم رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
هذه الاحتجاجات لم تكن مجرد رد فعل على الحادث الصوتي، بل كانت قد بدأت بعد وقوع كارثة في محطة قطار نوفي ساد في نوفمبر 2024، حين انهار السقف الخرساني لمحطة كانت قد تم ترميمها مؤخرًا، ما أسفر عن مقتل 15 شخصًا. هذا الحادث ألقى الضوء على مشكلات الفساد في صربيا، ليخرج أكبر تجمع شعبي في البلاد منذ التسعينات، في مسعى للمطالبة بالعدالة والمحاسبة.





