الرؤية/ليلى ابكير
في عملية أمنية دقيقة، تمكنت الشرطة الوطنية الإسبانية من تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في تهريب المهاجرين المغاربة من مدينة سبتة المحتلة إلى البر الإسباني، مستخدمةً قوارب ترفيهية مسروقة. وأسفرت العملية عن اعتقال 12 شخصًا، من بينهم خمسة تم وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي بأمر من محكمة الجزيرة الخضراء، إضافة إلى استرجاع ستة قوارب مسروقة كانت تُستخدم في عمليات التهريب.
بدأت التحقيقات في يوليوز من العام الماضي، عندما عثرت السلطات الإسبانية على قارب ترفيهي وصل إلى شاطئ “خيتاريس” في الجزيرة الخضراء وعلى متنه قاصران مغربيان غير مصحوبين. وبعد فحص القارب، تبين أنه قد سُرق قبل أيام من أحد الموانئ الترفيهية، ما دفع الشرطة إلى تعميق البحث، ليكشف التحقيق عن نمط متكرر لسرقة القوارب من موانئ جنوب إسبانيا، قبل استخدامها في تهريب المهاجرين من سبتة المحتلة إلى السواحل الإسبانية، ومن ثم التخلي عنها.
كما أظهرت التحقيقات أن الشبكة كانت تعتمد على موظفين داخل أندية بحرية لتحديد القوارب المناسبة للسرقة، حيث يتم اختيار القوارب الفاخرة التي يسهل تهريبها بعيدًا عن أعين الرقابة الأمنية. بعد سرقة القوارب، يتم نقلها إلى مدينة سبتة، حيث يتم تحميل المهاجرين المغاربة، قبل تهريبهم إلى البر الإسباني.
ولجأت الشبكة إلى تكتيك خطير للحد من المخاطر القانونية، حيث كانت تستعين بقاصرين مغاربة لقيادة القوارب، مستغلةً القوانين التي تفرض عقوبات مخففة على القُصّر في حال توقيفهم. لكن هذه الرحلات لم تكن تخلو من المخاطر، إذ كانت القوارب تُحمَّل بأعداد تفوق طاقتها الاستيعابية، دون أي تدابير أمان، ما كان يعرض حياة المهاجرين للخطر.
ووفقًا لتقديرات الشرطة الإسبانية، فقد نجحت الشبكة في تهريب ما لا يقل عن 40 مهاجرًا مغربيًا إلى إسبانيا، حيث كان كل شخص يدفع ما بين 4000 و4500 يورو للعبور، مما مكّن التنظيم من تحقيق أرباح تقدر بحوالي 180 ألف يورو. ولم يتوقف نشاط الشبكة عند تهريب البشر، بل امتد إلى تزوير الوثائق، ما يعكس مستوى عالٍ من التنظيم والاحترافية في أنشطتها الإجرامية.
تعد هذه العملية الأمنية واحدة من أهم الضربات التي وجهتها السلطات الإسبانية لشبكات تهريب المهاجرين، حيث تمكنت من تفكيك إحدى أخطر المجموعات التي تنشط بين المغرب وإسبانيا. ويأتي هذا التحرك ضمن جهود متواصلة لمحاربة الهجرة غير النظامية، وقطع المسارات غير الشرعية التي يستغلها المهربون لتحقيق مكاسب مالية ضخمة على حساب أرواح المهاجرين.