الرؤية :أباحازم تقي الله
في خطوة جديدة تعيد رسم ملامح المشهد الدبلوماسي في شمال أفريقيا، أعلن مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لشؤون أفريقيا، عن الافتتاح الرسمي للقنصلية الأمريكية في الصحراء المغربية، وذلك خلال مقابلة خاصة بثتها قناة الشرق مساء الخميس، في تصريح اعتبره مراقبون تأكيداً صريحاً لاستمرارية الموقف الأمريكي الداعم لمغربية الصحراء.
وقال بولس في المقابلة إن هذا القرار “يأتي في سياق طبيعي للعلاقات التاريخية التي تجمع الولايات المتحدة بالمملكة المغربية، وامتداداً للموقف الثابت الذي أعلنته إدارة الرئيس ترامب سنة 2020”، مضيفاً أن واشنطن “تضع ثقتها الكاملة في المغرب كشريك استراتيجي موثوق، قادر على قيادة التنمية والاستقرار في القارة الأفريقية”.
دلالات سياسية واستراتيجية
و يمثل هذا الإعلان، تحولاً نوعياً في الدبلوماسية الأمريكية تجاه المنطقة، ويؤكد أن الموقف الأمريكي من قضية الصحراء لم يكن ظرفياً أو مرتبطاً بإدارة سياسية بعينها، بل أصبح خياراً استراتيجياً راسخاً في السياسة الخارجية الأمريكية.
وتشير هذه الخطوة إلى رغبة واشنطن في تعزيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي في الأقاليم الجنوبية المغربية، لاسيما مدينة الداخلة، التي تشهد نمواً متسارعاً كمركز إقليمي للتجارة البحرية والطاقة واللوجستيك في أفريقيا.
التعاون المغربي–الأمريكي نحو آفاق جديدة
أكد مستشار ترامب أن بلاده تتطلع إلى “توسيع مجالات التعاون مع المغرب في ملفات الأمن والاستثمار والبنية التحتية”، مشيراً إلى أن الصحراء المغربية “تمثل اليوم بوابة أفريقيا الجديدة”، لما تتوفر عليه من مؤهلات اقتصادية واستقرار سياسي وموقع جغرافي استراتيجي يربط بين أوروبا وأفريقيا وأمريكا.
ويرى بولس أن الولايات المتحدة تنظر بإعجاب إلى النموذج المغربي في التنمية المحلية واللامركزية بالأقاليم الجنوبية، معتبراً أن تجربة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة “تشكل حلاً واقعياً وعملياً للنزاع الإقليمي المفتعل”.
ترسيخ الاعتراف ومواصلة الالتزام
منذ توقيع إعلان واشنطن في دجنبر 2020، الذي اعترف بمغربية الصحراء، وُصف القرار الأمريكي آنذاك بأنه تاريخي وغير مسبوق، إذ فتح الباب أمام موجة من الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وجاء إعلان بولس اليوم ليؤكد أن الاعتراف الأمريكي لم يكن مجرد موقف سياسي عابر، بل التزام استراتيجي طويل الأمد، يعزز مكانة المغرب كحليف رئيسي لواشنطن في المنطقة.
بين رسائل الدبلوماسية الأمريكية ومواقف الواقعية السياسية، يظهر أن افتتاح القنصلية الأمريكية بالصحراء المغربية لم يعد مجرد ورقة ضغط أو رمز دبلوماسي، بل ترجمة فعلية لتحول جيوسياسي جديد يعيد ترتيب موازين القوى في المنطقة المغاربية، ويؤكد أن الصحراء المغربية أصبحت عنواناً لشراكة دولية راسخة بين الرباط وواشنطن