الفاعل الحزبي يعود من الهامش: قراءة في لحظة سياسية فارقة

هيئة التحرير2 أكتوبر 2025Last Update :
الفاعل الحزبي يعود من الهامش: قراءة في لحظة سياسية فارقة

الرؤية/الهاشم أيوب

 

 

 

 

بقلم: [تقي الله أباحازم ]

 

 

 

في خضم التوترات الاجتماعية المتصاعدة التي تعرفها عدة مدن مغربية، تقودها بالأساس فئة واسعة من جيل “Z”، برزت لحظة سياسية مفصلية خلال الندوة الصحفية التي عقدها الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس مساء اليوم الخميس 02 أكتوبر 2025. ورغم أن الأنظار كانت موجهة للردود الرسمية، فإن الحضور اللافت لعبد الجبار الراشدي، كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، ورئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال، أعاد تشكيل المشهد السياسي بطريقة غير متوقعة.

 

 

لقد بدا واضحًا أن الراشدي لم يأتِ بصفته التقنية فقط، بل بحمولة سياسية وتاريخية تنتمي إلى مدرسة حزبية لها جذور عميقة في التأطير والوساطة. وفي لحظة يُتّهم فيها العمل الحزبي بالعجز عن مواكبة تحولات الشارع، كان ظهور الراشدي بمثابة عودةٍ للفاعل الحزبي من الهامش إلى قلب النقاش العمومي.

 

 

حين يتحدث السياسي بلغة الشارع

 

 

ما ميّز مداخلة الراشدي لم يكن فقط مضمونها، بل المنهجية التي اعتمدها: مخاطبة مباشرة للرأي العام بلغة خالية من التبرير أو التهوين، وإقرار صريح بوجود أزمة ثقة بين الشباب والمؤسسات. لقد أظهر أن السياسي، إذا توفرت له الإرادة والشرعية، قادر على لعب دور الوسيط الحقيقي، لا مجرد ناطق باسم السلطة أو المؤسسة.

رسائله كانت واضحة: لا بد من مراجعة السياسات العمومية في مجالات الشغل، التعليم، والحماية الاجتماعية، وتحويل الخطابات إلى إجراءات ملموسة. كما شدد على ضرورة تجديد الخطاب السياسي بما يعيد الثقة إلى الفعل الحزبي، خاصة وسط الجيل الجديد الذي لم يعد يقنع بالشعارات أو الانتماءات التقليدية.

 

 

الشرعية النضالية مقابل الشرعية الإدارية

 

 

في وقت يُنظر فيه إلى كثير من التشكيلات الحزبية على أنها ملحقات إدارية أو واجهات تقنية، برز صوت الراشدي من داخل حزب الاستقلال كامتداد لتاريخ نضالي طويل. لقد تَحدّث بلسان مؤسسة سياسية لا تزال تمتلك شيئًا من الرصيد الجماهيري، واستثمر في ذلك لإيصال خطاب مختلف، أكثر قربًا من نبض الشارع وأقل خضوعًا لمنطق البروباغندا الحكومية.

ردود الفعل التي أعقبت مداخلته، خصوصًا في وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت تفاعلًا إيجابيًا حتى من طرف بعض الشباب الغاضب، ما يؤكد أن الرغبة في التفاعل مع العمل السياسي لا تزال قائمة، شرط أن يجد المواطن من يخاطبه بصدق واحترام.

 

 

هل هي بداية لتحول سياسي أعمق؟

 

 

السؤال الجوهري الذي يطرحه هذا الحضور الرمزي والسياسي لعبد الجبار الراشدي هو: هل تعود الأحزاب الوطنية العريقة إلى لعب دورها الحقيقي في التأطير والترافع، أم أن هذا الظهور يبقى استثناءً ظرفيًا في لحظة أزمة؟

 

ما هو مؤكد أن الرسالة قد وصلت:

 

 

الشارع يريد أصواتًا صادقة، والمشهد السياسي محتاج إلى من يعيد التوازن بين الوظيفة التمثيلية والالتزام الأخلاقي. الفاعل الحزبي، إذا أراد فعلاً العودة من الهامش، عليه أن يستمع أكثر، ويُجدد أدواته، ويتحمل مسؤولياته.

 

 

 

 

لقد كشف ظهور عبد الجبار الراشدي في هذا التوقيت الدقيق عن إمكانية بروز نموذج جديد للفاعل السياسي، لا يكتفي بالتصريحات، بل يُجيد الإصغاء والمرافعة والمبادرة. وبينما تتأرجح الثقة في المؤسسات، فإن أمثال هذه اللحظات السياسية قد تمثل بداية لتصحيح المسار… إن وُجدت الإرادة

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.