يوميات مغربي في مملكة تايلاند…

الحلقة 5:مايجوز ولايجوز في تايلاند..الهدايا والتسوق وتجربة خطوط الطيران المغربية

هيئة التحرير27 يونيو 2025Last Update :
يوميات مغربي في مملكة تايلاند…

الرؤية/الهاشم ايوب

بقلم الدكتور يوسف بناصر

(…) ان السفر خارج جغرافيتك الثقافية ونسقك العقدي والاجتماعي يجعل أفق تفكيرك مرنا قابلا للاتساع ، ويمسي اضطراب المشاعر روتينا يوميا، خصوصا اذا كانت التجربة صادمة لكل توقعاتك ومختلفة تماما عما ألفته العين، وخالف الكثير من الخلفيات الفكرية التي كانت تدرس في مسالك الدراسات الجامعية، فأنت تعيش التجربة وتجلس في معبد مع بوذي او سيخي او هندوسي، تعيش تجربة مباشرة دون حواجز عقدية او ثقافية أو تاويلية ، و لست بصدد استماع لقارئ كتاب أو شريط وثائقي او انصات لحافظ مقولات ماضوية من كتاب الملل والنحل..، فبصرك وبصيرتك لحظتها حديد، وانت تشم بخور المعابد وتصافح الكهنة وتستمع للطلبة وهم يتلون ما يعتبرونه متنا مقدسا ، وتنزع الكبر من قلبك مع حذائك وانت تخطو ماشيا على الزرابي الحمراء و المزركشة داخل المعبد احتراما لمن استضافك، و قد يعني ذلك أمرا بسيطا وسلوكا متوقعا منك لهم، ولكنه بالنسبة للموحدين وأهل القبلة سلوك غير مألوف وغير تقليدي وقد يخلق اضطرابا ايمانيا وزعزعة لكثير من مفاهيم دوغمائية؛ إذ كيف تقدر وتحترم هذه الاوثان وتخفض جناحك لهم..؟، وقد لاحظت ذلك في سلوك بعض المرافقين الذين كانوا يتشهدون ويرفعون اصبعهم بالتوحيد بمجرد النزول لفك خيوط احذيتهم الرياضية أو كلما سمعوا كلمة عن الالهة الهندوسية او المعتقدات البوذية مباشرة، فتسمع تمتمات وراءها ما وراءها من اعتقاد راسخ ومنطق متماسك يرفض التفكير أو التشكيك أو في بعض الاحيان النظر لطقوس الاخرين ( المشركين) لان ذلك ببساطة يعني الموافقة أو الموالاة لهم، وخصوصا عندما نجد أهل هذه الاديان ساجدين او رافعين ايديهم بالدعاء لآلهتهم او يقدمون القرابين لتلك المنحوتات التي تذكرنا بأوثان مكة والصراع على اثبات التوحيد بين نبي الاسلام والصحابة والمشركين من صناديد قريش.
من الآلهة المتعددة الى تدخين الحشيش التايلاندي :
في هذه البلاد السعيدة يعتبر بيع وتدخين نبتة الحشيش امرا عاديا وشرعيا ، فتجد عند كل زاوية شبابا يجلسون يعرضون سلعتهم من الحشيش باثمنة زهيدة ، يمكن ان تقتني ما تشاء منهم ، كما ان هنالك محلات تشبه صيدليات خاصة بهذه النبتة ويضعون لك نكهات مخصوصة لكي تجد لك اذواقا بحسب مزاجك و درجة حاجتك للطيران في عوالم الخيال العلمي 🙂 وهي كذلك باثمنة زهيدة وتضع اشارات اشهارية مضيئة ليلا لكي تظهر للزائرين ممن يبحث عن الدماغ العالية بحسب تعبير اصدقائنا المصريين، كما انك تمر في الشارع على آلهة عند كل زاوية يتم تقديم التحية لهم ولا يكاد يخلو شارع او زاوية من مصنوع او تمثال يمثل الهة ولاحظت ان اغلبهم الهة اناث ، وفي الساحات العمومية تجد تلك المنحوتات كبيرة ومزينة ومظللا عليها حفاظا على لونها الذهبي ويلبسون لها البسة مزركشة كما لاحظت ان البعض يضع عند اقدامها بعض الايسكريم او القهوة او السيغار الغالي الثمن اكراما وقربانا لها.
أما المساجات التلايلاندية :
فهي مشهورة ولا يكاد صديق يعرف كونك زرت الدولة والا يبتسم ابتسامة خبيثة ويكون سؤاله الاول اذا لم تدخل لغرفة المساج فكأنك لم تزر ذلك البلد أبدا، لكونهم يحترفونه حقيقة عن دراسة وتجربة التدليك، ولا يستلم احد محلا الا بعد مسيرة دراسة وتمرين، وكثيرا ما يكون صاحب المحل انثى تتولى مع فريق لها تلك المهمة، بعد تخرجهم من مدرسة خاصة معترف بها، وملزمون بوضع الاثمنة عند المداخل بالتفصيل وهي اثمنة رمزية بالمقارنة بما في بلداننا -مما نسمع عنه- ، واغلب المحلات تكون زجاجية يبدو لك الزبناء اناثا وذكورا داخلها ممددين في سكون واسترخاء ، يسلمون اجسادهم لمن يقوم بالتدليك بانواع الزيوت الاسيوية المشهورة، وقد تم تحديد الفاتورة مسبقا وبموعد لكثرة المقبلين عليهم من السياح وابناء البلد.
الاسيويين مرتبين وهادئيين لدرجة مثيرة للقلق أو نشعر ونحن نتعامل معهم اننا متوترين وهم يمسكون باعصابهم، فقد تسال تايلانديا عن طريق سالك فينظر اليك بابتسامة عريضة وانت تشرح له بالانجليزي التي لا يتقنها ويصبر حتى تكمل ويستاذن بحركة التحي اليابانية منحنيا لكي يسال لك صاحبه البعيد، ويرجع اليك بصاحبه لكي يسألك مرة اخرى عن حاجتك ماهي بلغة مكسرة، فتجد انك ضيعت ربع ساعة أو نصف ساعة تسال من لايعرف اساسا كيف يتواصل معك.
واكثر شيء وقع لنا بهذا الصدد أننا نركب سيارة تاكسي ونحن نمده بعنوان سوق معروف صيني فلم يفهم شيئا منا ، فبدا بالتحرك لمسافة معينة بالسيارة يقود بيده اليمنى، ويحاول بيده اليسرى ان يتفقد ترجمة المسار، ولكنه كل مرة يخطئ في تلفظه للتطبيق فيدور في مسار مكرر ، ونحن نحاول تنبيهه ألا يخطئ وعندما يفشل في فهمنا وايصال مسار وجهتنا للتطبيق، يعتذر ويطلب منا النزول دون احتساب مصاريف المسافة؛ لانه لا يستحقها، لاننا لم نصل لوجهتنا المقصودة ..يا لها من أخلاق عالية منه !!فانفجر ضاحكا وصديقي العراقي يضرب اخماسا في اسداس، والمصري حامي الدم يبدأ في لعن اللغة والحواجز الثقافية التي ضيعت علينا الطريق والوقت هههه..ونحن نبحث وسط المدينة وجدنا شابا يكاد ينطق بالف بائيات الانجليزي فيحملنا للوجهة المطلوبة على توك توك..وكانت خرجة ليلية مثالية بسبب ما وقع من احداث.
المثلية والدعارة:
هذه امور لا تنكرها عين لكثرت محلاتها ومظاهرها في الشوارع لكون قانون البلد يسمح بذلك والاقبال من دول اسيا والغرب كثيف وقد يكون مقصودا لذلك، وربما تكون تايلاند دولة تتواتر الاخبار عنها وينقل الزوار تفاصيلا عن ذلك. وقد يصادفك في السوق احدهم فيقدم لك دعوة لمحلات مخصوصة، وان كانت سحنتك مشرقية فهم يصرون على استضافتك، ويعرضون لك عروضا مغرية لإيقاعك في شباكهم ، وكثيرا ما ألجا شخصيا للحديث بالفرنسية مدعيا اني من ارخبيل فرنسي غير معروف وانا ابتسم لهؤلاء القراصنة الصعاليك..
وقد وجدنا مهرجانا منظما في ساحة معروفة لمغنين شبان يتبنون المثلية، واغلب الحاضرين من اليافعين في بداية حياتهم اناثا وذكورا ، والجنس الثالث ممن يختلف على صورته وانتمائه الجندري، فتجد شابا بشاربه يضع مساحيقا ويلبس حذاء كعب عالي، وتجد شابة تلبس كما يلبس الذكور وقد اختلط في الساحة الحابل بالنابل..،
ومن غريب الصدف وربما لم اشر اليه في بداية هذه الحلقات ان يكون موظف الفندق يسالك وهو يملأ استمارة حجزك هل انت ذكر ام انثى ام تختار جنسا ثالثا، ووجدت ضمن الصف الذي ينتظر ملء الاستمارة شابا ملتحي يلبس تنورة قصيرة وبكعب عالي ويضع مساحيق تجميل كثيرة وهو امر في البداية اثار الكثير من الاسئلة في ذهني فتلك الصورة لم تكن مالوفة والتجربة في بدايتها فلم اكن قد استوعبت الفضاء وما في ثقافته من اضطراب وغيرية. والقصة الثانية والمثيرة هي ان صديقة لنا اتكأت بالصدفة على كتف انثى بلباس صيفي في حافلة وبعد اهتزاز الحافلة تبين ان الانثى هي غير أنثانا وان الامر يتعلق برجل يلبس انثى ويتصرف كأنها هي ..، فانصدمت وبدات تضحك بهستيريا لانها لم تتوقع الامر، بكما أن بعض المراحيض مخصصة للجنس الثالث حيث يلجأون اليها لقضاء حاجتهم. ولا تكاد المحلات التجارية الكبيرة تخلو من رموز للمثلية سواء بتلوين الاسقف او العتب او الابواب او وضع اعلام على بعض الزوايا والمحلات الداخلية.
في تايلاند يمكنك ان تاكل ما تشتهي من الفواكه الطازجة والتي في بعض الاحيان أضطر فيها لسؤال الطباخ كيف تؤكل ، هل بقشرتها او بلبها او بتقشيرها وما اسمها..؟ كما ان المطبخ التايلاندي فيه تنوع في اطباق السمك ولكن اذواقهم تميل للحر بدل الحلو ولاستعمال زيوت ربما لا تالفها اذواقنا وتمجها .
الهدايا في تايلاند:
احسن شيء هي الاثواب والفواكه الجافة والزيوت النباتية لمن يعرف كيف يقتنيها ووظيفتها، والاجهزة الالكترونية فكل هذه الاشياء رخيصة الثمن لكونها صنع تايلاندي ومن تايوان وماليزيا وفيتنام والصين وهي دول قريبة وتصدر لجارتها بسلاسة وربما دون حواجز او بتعريفة جمركية ضيئلة.
المنظر من الفندق كان اكثر من رائع خصوصا ان اطلالته كانت على نهر بانكوك المشهور ويقع في الطابق الحادي عشر..
واثناء مغادرتي لغرفة بعد 8 ايام من اقامي بنفس الفندق علمني صديق مسيحي خلقا نبيلا وهو ترك تذكار على السرير لمن يتولى ترتيب الغرفة لتوالي الايام وهي التفاتة من مجهول لمجهول 🙂 وتكريم رمزي له.
خطوط الطيران القطرية:
لكونهم يوظفون الاسيويات المصابات بهستيريا الابتسامة ويقدمون للاطفال الهدايا ويمرون على كل المقاعد ينظرون حاجات الضيوف، ولكن بمجرد تغيير الطائرة للخطوط المغربية تجد الوجوه متجهمة كانهم يكرهون الرحلة او الضيوف الثقال عليهم، ويتصرفون بشيء من التوتر فترة توزيع الاكل وقد يعدونك بشيء وينسونه او لا يتحملون ان تسالهم مرتين عن شيء او تطلب منهم خدمة من واجبهم تقديمها ، ولا ينظرون في عينيك وانت تتحدث اليهم بل يشيحون بنظرهم لجهة كانهم يبحثون عن شيء مفقود لكي يحسسوك بانك ثقيل وانهم مشغولين بالأهم منك.
ختاما:

ارجو ان تكون هذه الاشارات والتدوينات تلخص بعض ما تم مشاهدته والعيش في خضمه مدة الرحلة ، ولابد ان اوكد ان الكثير من الملاحظات وما دونته يبقى معبرا عن تجربتي الشخصية، وقد لا يعني للاصدقاء الذين عاشوا معي التجربة شيئا أو لا يستحق ان يذكر او يتحفظون في الحديث عنه. واقدم الشكر الجزيل لمنظمة #كايسييد التي استقبلتنا ووفرت ظروف التدريب ، والتجربة وفتحت لنا ابوابها؛ للاطلاع على هذه المساحة الواسعة من التنوع والغنى الثقافي والديني والانساني في اسيا .

مودتي

يوسف محمد بناصر

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.