الرؤية/ليلى ابكير
في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، يحذر الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان من أن ولاية ثانية للرئيس دونالد ترامب لن تحقق النجاح، بل ستؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسامات. وتحت عنوان “انهيارٌ كبير يجري على قدم وساق”، يرسم فريدمان صورة قاتمة لمستقبل الإدارة الأميركية في ظل قيادة ترامب، معتبرًا أن سياساته لا تقوم على رؤية واضحة، بل تحركها دوافع شخصية وانتقامية.
يؤكد فريدمان أن قرارات ترامب لا تستند إلى استراتيجية متماسكة، بل تنبع من مظالم شخصية ورغبة في تصفية الحسابات. فإدارته يغلب عليها الولاء الأعمى، حيث يحيط نفسه بأفراد لا يتم اختيارهم بناءً على الكفاءة، بل وفق مدى إخلاصهم له شخصيًا، بغض النظر عن القيم الدستورية أو المبادئ الاقتصادية الراسخة.
وبحسب فريدمان، فإن سياسات ترامب تتسم بالتقلب والتناقض، بدءًا من فرض رسوم جمركية على الصين ثم التراجع عنها، إلى تعليق المساعدات لأوكرانيا ثم استئنافها فجأة. ويرى أن هذه الفوضى تجعل من المستحيل على أي دولة أو شركة التعامل مع أميركا كمصدر للاستقرار، إذ تتغير القرارات وفق مزاج الرئيس أو بناءً على ضغوط من شخصيات نافذة مثل الملياردير إيلون ماسك.
كما يشير فريدمان إلى الخطاب الشهير للرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي في عام 1961، حيث أكد التزام أميركا بتحمل أي تكلفة والدفاع عن حلفائها لضمان بقاء الحرية. لكن في ظل إدارة ترامب، يرى فريدمان أن هذه المبادئ انقلبت رأسًا على عقب، إذ باتت السياسة الأميركية قائمة على التخلي عن الحلفاء، والتودد للأعداء، والسعي لضمان المصالح السياسية الضيقة على حساب القيم والمبادئ.
وينتقد الكاتب محاولة ترامب الترويج لفكرة أنه ورث اقتصادًا مدمرًا، معتبرًا هذا الادعاء “مجرد هراء”. فبالرغم من بعض التحديات التي واجهت إدارة جو بايدن، كان الاقتصاد في وضع جيد نسبيًا. ويرى فريدمان أن معالجة الخلل التجاري مع الصين كان يمكن أن يتم عبر سياسات مدروسة بالتعاون مع الحلفاء، بدلاً من فرض رسوم عشوائية تضر بالشركات الأميركية قبل غيرها.
وأكد فريدمان في مقاله على أن أي رئيس يسعى لإحداث تغيير جذري يجب أن يمتلك خطة واضحة، قائمة على أسس اقتصادية سليمة، وفريقًا من الخبراء الأكفاء. لكن في حالة ترامب، فإن ما نشهده هو العكس تمامًا: إدارة يغلب عليها الولاء الشخصي، وسياسات عشوائية لا تخدم سوى بقائه السياسي، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار أميركا والعالم.





