الرؤية/ليلى ابكير
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً مفاجئاً برفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 54% إلى 104%، بعد أن تجاهلت بكين مهلة أميركية استمرت 24 ساعة لخفض رسومها البالغة 34%. القرار، وإن بدا في ظاهره إجراءً عقابياً، إلا أنه يحمل في طياته رسالة سياسية واقتصادية أوسع.
هذا التصعيد ليس مجرد خطوة منفردة، بل يشكل تحولاً في السياسة التجارية الأميركية، وقد يمهّد لنهج أكثر صرامة في التعامل مع الدول التي تُتهم بإلحاق الضرر بالاقتصاد الأميركي من خلال ممارسات تجارية غير عادلة. وقد اعتُبر هذا التحرك بمثابة إنذار مبكر لباقي الشركاء التجاريين حول العالم.
ردود الفعل لم تتأخر، إذ شهدت الأسواق الآسيوية اضطراباً فورياً؛ فتراجع مؤشر نيكاي في طوكيو بنسبة 5%، فيما سجّل مؤشر السوق في تايوان انخفاضاً بلغ 5.8% في تداولات بعد الظهر. ويُتوقع أن تدخل أوروبا على خط الأزمة بردود فعل مضادة، ما يزيد من حالة التوتر في المشهد الاقتصادي العالمي، ويهدد بموجة تباطؤ قد تطال الاقتصادات الكبرى.
في هذه الأجواء القاتمة، يجد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نفسه في موقف لا يُحسد عليه، إذ يواجه ضغوطاً متزايدة للإبقاء على أسعار الفائدة مستقرة وسط التذبذبات المتسارعة في الأسواق، وخطر ارتفاع معدلات التضخم.
من داخل الإدارة الأميركية نفسها، تبرز انقسامات واضحة بشأن التوجه التصعيدي. فالمستشار بيتر نافارو يُتهم بدفع الرئيس نحو هذه القرارات المتشددة، بينما يعارض آخرون هذا التوجه، ومن بينهم رجل الأعمال البارز إيلون ماسك، الذي دعا إلى اعتماد مسار التعاون لا المواجهة، مقترحاً اتفاقات تجارة حرة مع أوروبا، وإلغاء الرسوم الجمركية المفروضة بنسبة 20%.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه الأسواق المالية حالة من الاضطراب، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد الشكوك حول مستقبل الاقتصاد العالمي.
