الرؤية/ آسية اباحازم
تجسيدا لقصة نجاح استثنائية في عالم التكنولوجيا و الذكاء الاصطناعي . ابتهال أبو سعد، المهندسة والمبرمجة المغربية. وُلدت في العام 1999 بمدينة الرباط، وسلكت طريق العلم منذ بواكير شبابها، فاجتهدت حتى نالت شهادة البكالوريا في العلوم الرياضية من ثانوية مولاي يوسف في عام 2017. و قُدر لها منحة دراسية إلى جامعة هارفارد العريقة، لتتخصص في علوم الحاسوب و الذكاء الاصطناعي.
لم يكن الطريق سهلاً أو خاليًا من التحديات، لأن ابتهال كانت دائمًا في طليعة الذين يسعون للارتقاء بأنفسهم و التميز، فعلى الرغم من أنها كانت طالبة في مرحلة الثانوية، فإنها لم تكتفِ بالدراسة التقليدية، لتنخرط في برنامج “تيك غيرلز” الذي يعد أحد أرقى البرامج العالمية التي تدعم الشابات في مجالات العلوم والتكنولوجيا. ومن خلال هذا البرنامج، كانت لها الفرصة للتفاعل مع كبار الشركات التكنولوجية وزيارة مختبرات الهندسة في الولايات المتحدة، ما شكل نقطة تحول فارقة في مسيرتها العلمية والمهنية.
وفي هارفارد، نمت طموحاتها أكثر، حيث ساهمت في تأسيس منتدى “آي تي ويكند”، الذي يهدف إلى تعليم علوم الكمبيوتر للفتيات من الطبقات الاجتماعية المحدودة. كما أسست منصات مبتكرة لدعم تعليم الفتيات وتحفيزهن على استخدام التكنولوجيا لمواجهة تحديات مجتمعاتهن. هذا الاهتمام بالجانب الاجتماعي والتنموي كان يشكل جوهر شخصيتها التي لا تقتصر على النجاح الشخصي، بل تسعى دائمًا إلى توسيع دائرة التأثير الإيجابي في العالم.
بعد تخرجها، انضمت ابتهال أبو سعد إلى شركة مايكروسوفت في عام 2022، لتعمل في قسم الذكاء الاصطناعي وأسهمت في تطوير حلول مبتكرة في مجالات متعددة، أبرزها “مايكروسوفت أزور”، بالإضافة إلى تحسين تقنيات متقدمة في المراقبة وتحليل البيانات. لتكتشف أن بعض التقنيات التي ساهمت في تطويرها تُستخدم في دعم السياسات العسكرية الإسرائيلية.
وفي لحظة مفصلية، قررت ابتهال أن تتخذ موقفًا علنيًا، خلال احتفال الذكرى الخمسين لتأسيس شركة مايكروسوفت، قاطعت كلمة المدير التنفيذي للشركة، اعتراضًا على ما اعتبرته تواطؤًا بين مايكروسوفت والاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت أن مايكروسوفت كانت تسهم في تمكين الجيش الإسرائيلي من مراقبة الفلسطينيين، مشيرة إلى أن الشركة أبرمت عقدًا مع وزارة الدفاع الإسرائيلية بقيمة 133 مليون دولار لتخزين بيانات ضخمة عبر “مايكروسوفت أزور”، وهو ما وصفته بأنه دعم مباشر للعمليات العسكرية والممارسات القمعية.
موقف ابتهال لم يكن مجرد تصرف عارض، بل كان تعبيرًا قويًا عن التزامها بالمبادئ الإنسانية التي آمنت بها. في تصريح لها بعد الموقف، أكدت ابتهال أنها لم تعد قادرة على السكوت أمام ما اعتبرته اسهاما غير مباشر في تكمين آلة الحرب، وأعربت عن خيبة أملها العميقة في أن جهودها التي كانت تهدف إلى تحسين حياة البشر قد تحولت إلى أداة لتسهيل القمع وقتلهم.





