في عيدها.. الأم الفلسطينية روح صامدة لفقد لا يعوّض

هيئة التحرير21 مارس 2025Last Update :
في عيدها.. الأم الفلسطينية روح صامدة لفقد لا يعوّض

الرؤية/ آسية اباحازم

 

 

تحت سماء غزة الملبدة بالدماء والدموع، وعبر شوارعها المكسوة بتراب الحروب، تعيش الأمهات الفلسطينيات عيدهن في أحلك صورة من صور الحزن والمعاناة. ففي كل منزل وركن من أركان قطاع غزة، تنقضّ أمواج من الذكريات القاسية على قلوب الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن في أبشع صور الموت والقصف، ويتناثر الحزن بين الجدران المتصدعة مثل شظايا قذائف لا تفرق بين الأم وأطفالها.
كثيرٌ منهن يتمنين لو عرفن مكان دفن أطفالهن الذين سقطوا تحت ركام البيوت أو في زنازين السجون، ليزورهن في يومهن هذا كما كان يزورهن أطفالهن في أيامٍ أقل ألمًا وأجمل.

يقبع في سجون الاحتلال 14 أماً فلسطينية بين إجمالي 25 معتقلة، يعانين من أوضاع قاسية لا تطاق، يحرمن من رؤية أطفالهن ومن احتضانهم أو سماع أصواتهم. كل ذلك يحدث في حين لا تُتاح لهن أي فرصة للتواصل مع عائلاتهن، لا في يوم الأم ولا في أي يوم آخر.
هيئة شؤون الأسرى المحررين ونادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان نشرت بياناً مشتركاً يؤكد أن سلطات الاحتلال تعزل الأسيرات عن العالم الخارجي تماماً، في خطوة تهدف إلى تشديد المعاناة النفسية والجسدية عليهن.

تقتحم قوات الاحتلال في ساعات الليل المتأخرة منازل الأمهات بعنف شديد، وتعتقلهن من بين أطفالهن تحت تهديد السلاح، في مشهدٍ يدمغ الذاكرة ويترك أثرًا دائمًا في قلوب أطفالهن. فلا تعرف الأم أين يدفن طفلها بعد استشهاده، لتظلّ أسيرةً للذاكرة، ولحظة الفقد التي لا تعوّض.

و من بين ركام الحروب، تصمد الأمهات الفلسطينيات، حامِلاتٍ آلامهن على أكتافهن. هذا الصمود ليس مجرد ردة فعل، بل هو مسار حياة تتداخل فيه المعاناة كأنها أسلوب حياة، بصبر لا يقنط من رحمة الله .

فلن يهزم شعب يخرج من بين أحشائه أمهات تتلقى خبر استشهاد أبنائهن، ويستقبلنه بـ “الله يسهل يامّا، مش خسارة في ربنا”. أي قوة هذه التي تتحلى بها أمهات فلسطين من شدة البلاء، وأي إيمان عظيم ينطوي عليه قلب أم، وقد تقطعت أوصالها حزناً. (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) -سورة القصص-.
في كل أم فلسطينية، ينبض صبر لا ينفد وعزيمة لا تهتز، فكلما اشتد البلاء، ازداد تعلقها بالله، وكلما زادت الأحزان، زادت يقينًا بأن النصر آتٍ، وأن الله مع الذين صبروا.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.