في معترك النار: الجعفراوي شاهدًا على جرائم الاحتلال بقمرته التي لا تساوم

هيئة التحرير19 مارس 2025Last Update :
في معترك النار: الجعفراوي شاهدًا على جرائم الاحتلال بقمرته التي لا تساوم

الرؤية / آسية اباحازم

 

 

 

 

في خضم العواصف التي تعصف بغزة، حيث تُحرق الأرض وتُسفك الدماء، يبرز الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي كأحد الأبطال الذين يمضون في معركة إعلامية لا تتوقف. بين ركام الحرب، هناك من يحاول أن يغمس قلمه و قمرته في لهيب الحقيقة، ليخطَّ للإنسانية واقعًا مريرًا لا يمكن تجاهله. ويظل نبراسًا في زمنٍ يُحارب فيه الحق بالكذب، والإنسانية بالآلات الحربية.

 

في خطوة تكشف عن نقضٍ صارخٍ للعهود والاتفاقات، أكّدت إسرائيل يوم الثلاثاء أنها شنّت ضربات جوية مكثفة على قطاع غزة، في تطورٍ غير مسبوق منذ بدء وقف إطلاق النار مع حركة حماس في يناير. هذه الضربات، التي أسفرت عن مقتل المئات من الأبرياء، جاءت في سياق تصعيدٍ عسكريٍ واسع النطاق، اتسم بشدة وقوة لم تعهدها المنطقة من قبل.

تحول قطاع غزة إلى ساحة حرب مفتوحة لا ترحم من جديد، تتطاير فيها القذائف وتتهاوى فيها الأرواح. ظل الجعفراوي يواجه جحيم الحروب والأوجاع، مُصممًا على نقل الحقيقة، مهما كانت مرَّة. وبالرغم من تزايد محاولات التعتيم الإعلامي والضغط الكبير الذي تعرض له، كان لا بد له أن يثبت للعالم أن قلم الصحفي هو سلاح لا يقل فاعلية عن أي مدفعية.

حاملاً كاميراته وكلماته كدرعٍ في وجه الظلم. تعرض لعديد من المضايقات جراء قمع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت بمثابة جسرٍ يربط غزة بالعالم،ولكن هذا التضييق لم يزد الجعفراوي إلا إصرارًا على كشف الحقائق. وفي كل مرة يتم فيها إغلاق حساباته، كان يعيد فتحها مجددًا، لأنه لم يكن مجرد شاهد على الأحداث، بل كان جزءًا من معركة أوسع، معركة ضد آلة إعلامية تسعى لتزوير الحقائق وإخفائها.

 

إن الصحفي الفلسطيني بمثابة القاضي الذي يوقع على حكم التاريخ، وهو يتحدى محاولات التغطية على الجرائم. وقد تعرض الجعفراوي وزملاؤه لعدة محاولات اغتيال معنوي وجسدي، من خلال استهدافهم مباشرة من قبل قوات الاحتلال التي كانت تستهدف المكاتب الإعلامية في غزة، وتدمير معدات الصحفيين، فكانوا يرون الصحفيين أهدافًا متنقلة في ساحة المعركة. لكنهم، رغم الخطر المحدق، واصلوا مهمتهم بكل شجاعة، مؤمنين أن الحقيقة لا تموت، وأن الكلمة أقوى من القذائف.

 

لكن ورغم معاناته الشخصية لتغربه عن والدته ولمناضلته صوتا لشقيقه الذي لا يزال يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لم يضعف الجعفراوي. في كل ستوري كان يقدمه، وفي كل صورة كان يلتقطها، كان يواجه آلة القتل الإعلامي بحرفية وإصرار. لم يكن يختبئ وراء كلمات محايدة أو يساوم على القيم الصحفية، بل كان يسجل الحقيقة كما هي، مهما كان الثمن.

إذ ارتفعت وتيرة التهديدات ضده، حتى وصلت إلى أن يكون اسمه في قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، فإن محاولة اغتياله لم تكن سوى جزء من استراتيجية الاحتلال التي تهدف إلى إسكات الصحافة الفلسطينية،.

 

في هذه الظروف القاسية، التي يواجه فيها الصحفي الفلسطيني حربًا إعلامية موازية لحرب القذائف، يظل الجعفراوي رمزًا للصحافة الحرة. يظل هو وزملاؤه في غزة يقاومون بالوثائق والصور والكلمات، حتى وإن كانت هذه الكلمات في نظرهم أخطر من القذائف.

 

إن الصحافة في غزة، كما جسدها الجعفراوي، ليست مجرد أداة لنقل الأخبار، بل هي شهادة حية على جرائم الاحتلال، وهي جزء من معركة أكبر، معركة الحرية.

هي سلاح في معركة من أجل الكرامة، ووسيلة لجعل العالم يسمع صرخات المستضعفين في غزة. وفي ظل الظروف القاسية التي يعيشها، والتي تكاد تطيح بكل شيء من حولهم ، يبقى الجعفراوي رمزًا حقيقيًا للصحفي المقاوم الذي لا يُسكت، مهما كانت التحديات والمصاعب .

فالظفر بالشهادة في غزة أعظم من الخضوع لجبن السكوت عن الحقيقة.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.