الرؤية/ليلى ابكير
في خطوة تعكس التوجه المتسارع للصين نحو ترسيخ ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، أعلنت السلطات التعليمية في العاصمة بكين عن إدراج دروس الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية لجميع المدارس الابتدائية والثانوية بدءًا من العام الدراسي المقبل. ووفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، ستلتزم المدارس بتخصيص ما لا يقل عن ثماني ساعات سنويًا لهذه الدروس، سواء كمواد مستقلة أو كجزء من مقررات أخرى مثل العلوم وتكنولوجيا المعلومات.
تشمل الخطة تبني أساليب تدريس مبتكرة تعتمد على أجهزة تعليمية ذكية، وأدوات بحثية متطورة، إضافة إلى استخدام برامج الذكاء الاصطناعي التفاعلية لتسهيل عملية التعلم. كما تسعى بكين إلى تعزيز التعاون بين الجامعات والمدارس الثانوية من أجل إعداد جيل من المبتكرين القادرين على دفع عجلة التطور في هذا المجال الحيوي.
شهدت صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين طفرة كبيرة خلال العام الجاري، خصوصًا بعد أن أطلقت شركة “ديب سيك” (DeepSeek) نموذجًا جديدًا من روبوتات المحادثة الذكية، الذي أثار موجة اهتمام عالمي بفضل إمكاناته المتقدمة وقدرته على منافسة النماذج الغربية الرائدة وبتكلفة تشغيلية أقل.
وفي ظل هذا التقدم السريع، كشفت شركة “علي بابا” الأسبوع الماضي عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد يُعرف باسم QwQ-32B، يتميز بكفاءة عالية في معالجة البيانات، بينما أحدث المساعد الذكي “مانوس” (Manus) ضجة واسعة بفضل قدراته المتقدمة التي تتفوق على العديد من روبوتات المحادثة التقليدية.
لا تقتصر جهود الصين على تطوير التقنيات فحسب، بل تشمل أيضًا تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار في الذكاء الاصطناعي. ففي الشهر الماضي، عقد الرئيس الصيني شي جينبينغ لقاءً نادرًا مع كبار رجال الأعمال في قطاع التكنولوجيا، في خطوة أثارت تفاؤلًا واسعًا بشأن تعزيز الدعم الحكومي لهذا القطاع الاستراتيجي.
وبالتوازي مع هذه الجهود، تولي الصين اهتمامًا خاصًا بتطوير المواهب الشابة عبر برامج تعليمية متقدمة تهدف إلى إعداد الجيل القادم من المهندسين والعلماء القادرين على قيادة ثورة الذكاء الاصطناعي.
مع استمرار الصين في ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار في الذكاء الاصطناعي، فإن إدراج هذه التكنولوجيا في المناهج الدراسية يعد خطوة استراتيجية لضمان تفوق الأجيال القادمة في هذا المجال. ومع تصاعد المنافسة بين الشركات الصينية ونظيراتها الغربية، يبدو أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيشهد تطورات غير مسبوقة في الأعوام المقبلة.
