الانتخابات التشريعية في ألمانيا: تقدم المحافظين وصعود اليمين المتطرف وسط أجواء متوترة

هيئة التحرير23 فبراير 2025Last Update :
الانتخابات التشريعية في ألمانيا: تقدم المحافظين وصعود اليمين المتطرف وسط أجواء متوترة

الرؤية/مريم عتام

 

 

انطلقت الانتخابات التشريعية في ألمانيا اليوم الأحد، وسط تقدم ملحوظ للمعارضة المحافظة في ظل حملة انتخابية شهدت اضطرابات مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتصاعد نفوذ اليمين المتطرف. وتأتي هذه الانتخابات في وقت تواجه فيه ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، تحديات تهدد نموذجها الاقتصادي الراسخ منذ الحرب العالمية الثانية، مما يثير قلق الناخبين.

بعد الإدلاء بصوته في برلين، عبّر دانيال هوفمان، خبير التخطيط المديني البالغ من العمر 62 عامًا، عن قلقه حيال الوضع الحالي، مشيرًا إلى أن البلاد تمر بمرحلة من عدم اليقين وتحتاج إلى تحول جذري، خاصة في ظل المخاوف المتعلقة بالأمن الأوروبي بسبب استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتشهد ألمانيا أزمات متشابكة، بدءًا من الركود الاقتصادي إلى توتر العلاقات التجارية مع واشنطن، فضلًا عن إعادة تقييم دورها داخل حلف شمال الأطلسي، حيث كانت تعتمد تقليديًا على المظلة الأمنية الأمريكية.

تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم المحافظين بقيادة فريدريش ميرتس، الذي يُرجح أن يكون المستشار المقبل، بحوالي 30% من نوايا التصويت، متقدمًا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار الحالي أولاف شولتس. وقد أدلى ميرتس بصوته في معقله بأرنسبرغ، حيث بدا واثقًا ومبتسمًا وهو يتبادل التحية مع الناخبين، في حين ظهر شولتس أكثر تحفظًا عند وصوله إلى مركز الاقتراع في بوتسدام.

في فرانكفورت، أعربت يانين فيرمر، البالغة من العمر 32 عامًا، عن خشيتها من أن يحقق حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف نتائج قوية. وتشير التوقعات إلى أن هذا الحزب قد يحصل على 20% من الأصوات، وهي نسبة غير مسبوقة تعكس تضاعف شعبيته مقارنة بالانتخابات الماضية. وقد تمكن الحزب، المعروف بمواقفه المناهضة للهجرة والمؤيدة لروسيا، من فرض أجندته على الحملة الانتخابية، خصوصًا بعد سلسلة من الاعتداءات التي نفذها أجانب في ألمانيا.

وقع آخر هذه الاعتداءات مساء الجمعة، حيث أصيب سائح إسباني بجروح بالغة بعد تعرضه للطعن بالقرب من نصب الهولوكوست في برلين، وألقت الشرطة القبض على مشتبه فيه، وهو شاب سوري أفاد القضاء بأنه كان ينوي “قتل يهود”. وقد عزز الحزب اليميني المتطرف حضوره خلال الأسابيع الأخيرة، مستفيدًا من دعم دوائر مقربة من ترامب، حيث روج له الملياردير إيلون ماسك عبر منصته “إكس”، مشيدًا بزعيمته أليس فايدل.

وفي ظل التوترات العالمية، تتابع ألمانيا بقلق تطورات أي تسوية محتملة بين موسكو وواشنطن، إضافة إلى تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية مشددة على أوروبا، ما قد يزيد من الضغوط الاقتصادية على البلاد.

رغم تقدم المحافظين، لا تزال مسألة تشكيل الحكومة الجديدة غير محسومة، إذ قد تستغرق المفاوضات أسابيع أو حتى أشهر. ويستبعد حزب ميرتس أي تحالف مع “البديل من أجل ألمانيا”، لكنه قد يلجأ إلى الاشتراكيين الديمقراطيين، الذين تشير التوقعات إلى حصولهم على 15% من الأصوات، وهي أدنى نسبة لهم منذ الحرب العالمية الثانية، مما قد يعني نهاية مسيرة شولتس السياسية.

وفي حال عدم تمكن أي من الحزبين الرئيسيين من تحقيق أغلبية برلمانية، فقد يصبح البحث عن شريك ثالث ضرورة، وهو ما سيعقد المشهد السياسي بشكل أكبر. وأعرب ميكايل لينتس، أحد المشاركين في مسيرة مناهضة للفاشية، عن مخاوفه من احتمال إعادة الانتخابات في حال فشل تشكيل الحكومة، وهو سيناريو قد يصب في صالح “البديل من أجل ألمانيا”، بالنظر إلى تزايد حالة الإحباط بين الناخبين وتآكل الثقة بالمؤسسات السياسية.

ويبقى المشهد السياسي في ألمانيا مفتوحًا على عدة سيناريوهات، في انتظار صدور النتائج النهائية التي ستحدد ملامح الحكومة المقبلة.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.