الرؤية/ليلى ابكير
يُعتبر مرض ألزهايمر أحد التحديات الصحية الكبرى في العالم، حيث يُقدَّر عدد المصابين به بحوالي 55 مليون شخص، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم كل 20 عامًا. في ظل عدم وجود علاج نهائي حتى الآن، يواصل العلماء حول العالم جهودهم لفهم المرض بشكل أعمق وتطوير حلول فعالة للحد من تقدمه. وقد شهد عام 2024 طفرة علمية من خلال اكتشافات واعدة يمكن أن تُحدث ثورة في تشخيص المرض وعلاجه.
ومن اهم التقنيات المبتكرة التي قد تغيّر مسار العلاج
*جهاز ذكي لتنقية الدماغ من السموم
في خطوة جديدة نحو علاج ألزهايمر، طور علماء من جامعة ساراتوف الوطنية الروسية بالتعاون مع جامعة هواتشونغ الصينية جهازًا ذكيًا يستخدم تقنية غير جراحية لتنقية الدماغ من السموم التي تسهم في تدهور الوظائف الإدراكية. ومن المقرر أن تبدأ الاختبارات السريرية لهذا الابتكار خلال هذا العام مما قد يمثل قفزة نوعية في التعامل مع المرض.
*دواء جديد يبطئ تقدم ألزهايمر
شهد يوليو 2024 موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على دواء “دونانيماب” (Donanemab) الذي طورته شركة إيلي ليلي، وهو علاج يُعطى مرة واحدة شهريًا للمرضى في المراحل المبكرة من ألزهايمر. يعمل هذا الدواء على تقليل لويحات الأميلويد في الدماغ، والتي تعد أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الذاكرة. تُظهر الدراسات أن المرضى الذين تناولوا هذا الدواء شهدوا تباطؤًا ملحوظًا في التراجع الإدراكي.
*بخاخ أنفي لمكافحة التدهور المعرفي
في اكتشاف جديد، ابتكر علماء إيطاليون بخاخًا أنفيًا يُساعد في إبطاء تلف الدماغ لدى المصابين بألزهايمر. يعتمد هذا البخاخ على تثبيط إنزيم (zDHHC) المسؤول عن تنظيم تراكم البروتينات الضارة في الدماغ، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في تطور المرض. إذا أثبت هذا العلاج فاعليته في التجارب السريرية، فقد يُصبح من العلاجات المستقبلية المبتكرة.
*تطورات واعدة في تشخيص المرض
اختبار دم لتشخيص ألزهايمر بدقة 90%
كشفت الأبحاث الحديثة عن اختبار دم بسيط قادر على تحديد الإصابة بألزهايمر بدقة تصل إلى 90%، متفوقًا على الطرق التشخيصية التقليدية مثل الفحوصات العصبية والتصوير الدماغي. يُمكن لهذا الاكتشاف أن يُسهم في التشخيص المبكر، مما يُتيح للمرضى فرصة البدء في العلاجات المتاحة في وقت أبكر، قبل تفاقم الأعراض.
عوامل بيئية وسلوكية قد تزيد من خطر الإصابة
تأثير دخان حرائق الغابات على صحة الدماغ
كما أظهرت دراسة استمرت 10 سنوات، شملت أكثر من 1.2 مليون شخص في جنوب كاليفورنيا، أن التعرض لدخان حرائق الغابات قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بألزهايمر. ويُعتقد أن الجسيمات الدقيقة الناتجة عن هذه الحرائق تحتوي على مواد سامة تؤثر سلبًا على صحة الدماغ، مما يزيد من احتمالات الإصابة بالخرف.
في اكتشاف غريب، أشارت دراسة جديدة إلى أن نخر الأنف قد يزيد من خطر الإصابة بألزهايمر. ويفترض العلماء أن الجراثيم التي تنتقل عبر هذه العادة قد تصل إلى الدماغ، مما يُسبب التهابات مزمنة قد تؤدي إلى تلف الخلايا العصبية بمرور الوقت.
إلى جانب التطورات السابقة، توصل باحثون بريطانيون إلى تطوير دواء جديد يُدعى “RI-AG03″، والذي أثبت قدرته على منع تراكم بروتينات تاو المرتبطة بتطور ألزهايمر. أظهرت التجارب المخبرية نجاح الدواء في حماية الخلايا العصبية وتقليل تأثير المرض، مما يجعله أحد العلاجات الواعدة للمرحلة المقبلة.
في الوقت الذي لا يزال فيه ألزهايمر تحديًا عالميًا، فإن الاكتشافات العلمية الحديثة تُعطي بارقة أمل لملايين المرضى وعائلاتهم. من الأدوية الجديدة إلى التقنيات الذكية، تتزايد فرص التحكم في المرض وتأخير تقدمه. وبينما لا يزال الطريق طويلًا نحو إيجاد علاج نهائي، فإن التقدم المستمر يُقرّب العالم خطوة جديدة نحو التغلب على هذا المرض الذي طالما حيّر العلماء.





